الأحد، 22 مايو 2011

.

ثورة مصر : التدمير الخلاق لـ شرق أوسط كبير ؟

منقول و مترجم ... مقال بتاريخ : 7/2/2011
وليام انغدال : محلل أمريكي للتطورات الاقتصادية والسياسية الحالية ،
تنشر مقالاته في العديد من الصحف والمجلات والمواقع العالمية المعروفة .
له كتب عديدة من ضمنها كتاب " السيطرة كاملة الطيف : الديمقراطية الشمولية في النظام العالمي الجديد "
رابط الموضوع : http://www.voltairenet.org/article168381.html

برغم رأي الاغلبية الذي يخالفه ، يحتفظ إف وليام انغدال برأية بأنه ليس هناك شيء عفوي بالنسبة لحركات الاحتجاج الجماهيري في الدول العربية ويراها كإعادة للثورات الملونة التي نسقتها الولايات المتحدة لإحداث تغيير في النظام في ما كان يسمى سابقاً بدول الاتحاد السوفيتي . نفس السيناريوهات وتجميع الرموز : قادة المعارضة المحلية دربهم الصندوق الوطني للديموقراطية والمنظمات الأخرى التي تمولها الولايات المتحدة على فن تنظيم ثورات عفوية . الخطوط العريضة لاستراتيجية أمريكية سرية للمنطقة واضحة منذ بعض الوقت. لكن السؤال هو هل ستعمل ؟

في أعقاب التغيير السريع للنظام في تونس أتت حركة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت يوم 25 يناير ضد نظام حسني مبارك الراسخ في مصر . وخلافاً للانطباع الذي تم رسمه بعناية من أن إدارة اوباما تحاول الإبقاء على نظام مبارك الحالي ، تقوم واشنطن في الحقيقة بالتنسيق لتغيير النظام في مصر بالإضافة إلى تغيير أنظمة إقليمية أخرى من سوريا وحتى اليمن إلى الاردن وأبعد من ذلك بكثير في عملية يشير إليها البعض بـ " التدمير الخلاق " .
نموذج التغيير السري للأنظمة هذا تم تطويره بواسطة البنتاغون ووكالات المخابرات الأمريكية والعديد من مؤسسات الفكر مثل مؤسسة راند على مدى عقود بدءاً بزعزعة رئاسة ديغول في مايو 1968 في فرنسا . وهذه هي المرة الأولى منذ تغييرات الأنظمة التي دعمتها الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية قبل نحو عقدين تبدأ واشنطن بعمليات متزامنة في العديد من البلدان في المنطقة . إنها استراتيجية ولدت من يأس معين ولا تخلو من مخاطر كبيرة بالنسبة للبنتاغون وبالنسبة لأجندة وول ستريت طويلة المدى . ما ستكون عليه النتائج بالنسبة لشعوب المنطقة وللعالم لا يزال غير واضح . ومع ذلك ففي حين أن النتيجة النهائية للاحتجاجات الجريئة في القاهرة وفي أنحاء مصر والعالم الإسلامي لا تزال غير واضحة إلا أن الخطوط العريضة للاستراتيجية الأمريكية السرية واضحة بالفعل .
لا يمكن لأحد أن يشكك في أن المظالم الحقيقية هي التي حركت الملايين للخروج إلى الشوارع مخاطرة بحياتها . ولا يمكن لأحد أن يدافع عن الفظائع التي ارتكبها نظام مبارك وتعذيبه وقمعه للمعارضة . ولا يستطيع أحد أن يشكك في الارتفاع الغير عادي لأسعار المواد الغذائية بسبب المضاربات في أسواق السلع في شيكاغو ووول ستريت والتحول المجنون نحو زراعة الذرة من أجل الوقود في الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار الحبوب إلى أعلى مستوى لها . ومصر هي أكبر مستورد للقمح وكثير منه يأتي من الولايات المتحدة . عقود القمح الآجلة في شيكاغو ارتفعت بنسبة مذهلة (74%) فيما بين يونيو ونوفمبر 2010 ما أدى إلى تضخم في أسعار الغذاء في مصر بنحو 30% برغم الدعم الذي تقدمه الدولة .
لكن ما تم تجاهله بشكل واسع من جانب السي ان ان والبي بي سي وتغطيات وسائل الإعلام الغربية الأخرى لأحداث مصر هو حقيقة أنه برغم كل تجاوزاته في الداخل إلا أن الرئيس المصري حسني مبارك يمثل عائقاً كبيراً في المنطقة أمام أجندة أمريكية أكبر .
ليس هناك أي مبالغة عند القول بأن العلاقات بين اوباما ومبارك كانت باردة كالثلج من البداية . مبارك كان يعارض بشدة سياسة اوباما بشأن ايران وطريقة التعامل مع برنامجها النووي وكذلك سياسات اوباما نحو دول الخليج العربي وسوريا ولبنان بالإضافة إلى الفلسطينيين. وكان شوكة كبيرة أمام أجندة واشنطن الأكبر للمنطقة برمتها ، مشروع واشنطن للشرق الأوسط الكبير ، الذي أعطي في الآونة الأخيرة أسماً أكثر اعتدالاً " الشرق الأوسط الجديد " .
ومثلما هو حقيقي أن هناك عوامل دفعت الملايين للخروج إلى الشوارع في أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط إلا أن ما لا يمكن تجاهله هو حقيقة أن واشنطن هي التي تقرر التوقيت وفق ما تراه ، في محاولة لصياغة النتيجة النهائية لتغيير شامل في النظام واضطرابات في أنحاء العالم الإسلامي . ففي اليوم الذي خرجت فيه المظاهرات الشعبية المنسقة جيداً تطالب بتنحي مبارك كان هناك أعضاء بارزون من قيادة الجيش المصري من بينهم رئيس هيئة الأركان ، اللواء سامي حافظ عنان ، كانوا كلهم في واشنطن كضيوف للبنتاغون . وهذا عمل على تحييد مريح لقوة الجيش الحاسمة في إيقاف الاحتجاجات المناهضة لحسني مبارك من التزايد في الأيام الأولى الحاسمة.
الاستراتيجية كانت موجودة في العديد من ملفات وزارة الخارجية والبنتاغون على الأقل منذ عقد أو أكثر . بعد إعلان جورج دبليو بوش الحرب على الإرهاب عام 2001 كان يطلق عليه مشروع الشرق الأوسط الكبير . وفي أيامنا هذه يعرف باسم أقل تهديداً ، مشروع " الشرق الأوسط الجديد " . إنها استراتيجية تحطيم دول المنطقة من المغرب وحتى أفغانستان ، المنطقة التي عرَفها صديق ديفيد روكفلر ، صامويل هنتنتغون ، في مقاله الشهير صراع الحضارات في مجلة فورين افيرز .

صعود مصر ؟

سيناريو البنتاغون الحالي لمصر يبدو مثل رائعة المخرج الهوليودي سيسيل بي ديميل ، فقط هذا الشخص مع مجموعة من ملايين من الشباب الذين تم تدريبهم بدهاء عبر تويتر بشكل جيد وشبكات عناصر جماعة الإخوان المسلمين ، تعمل مع جيش دربته الولايات المتحدة، دور البطولة للإنتاج الجديد في الوقت الراهن ليس سوى الفائز بجائزة نوبل والذي يبدو أنه قام على نحو ملائم بسحب جميع خيوط المعارضة للنظام القديم إلى ما يبدو أنه انتقال سلس نحو مصر جديدة تحت ثورة ليبرالية ديموقراطية نصبت نفسها .
بعض المعلومات الأساسية عن اللاعبين الفاعلين على ارض الواقع تعتبر مفيدة قبل النظر في خطة واشنطن الاستراتيجية طويلة المدى للعالم الإسلامي من شمال افريقيا وحتى الخليج العربي وصولاً إلى الشعوب الإسلامية في آسيا الوسطى على حدود الصين وروسيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق